إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
51748 مشاهدة
حول إسناد حديث إنما الأعمال بالنيات

...............................................................................


ثم إنه ابتدأ كتابه بهذا الحديث العظيم الذي هو حديث الأعمال بالنيات؛ وذلك لأن كثيرًا من العلماء ذكروا فضله حتى قال بعضهم: لو كتبت كتابًا لجعلت حديث الأعمال بالنيات في أول كل باب. انفرد البخاري بين أهل زمانه بتصدير كتابه بهذا الحديث، وتبعه بعد ذلك من بعده كثير من العلماء كالنووي في رياض الصالحين، والمقدسي في عمدة الأحكام وغيرهما، ورواه بإسناده الصحيح، فشيخه عبد الله بن الزبير ويقال له: الحميدي هذا من علماء الحديث، وله مسند مطبوع مسند الحميدي رتبه على أسماء الصحابة رواه عنه البخاري وغيره، فيه أحاديث منتقاة.
شيخه سفيان أي سفيان بن عيينة من علماء الحديث من أهل مكة مشهور بعلم الحديث وبروايته أدرك التابعين، روى عن الزهري وغيره من التابعين، وهو من المكثرين للحديث، شيخ سفيان هو من صغار التابعين يحيى بن سعيد الأنصاري الذي انفرد بهذا الحديث، وشيخه الذي هو محمد بن إبراهيم التيمي من التابعين أيضًا، وشيخه علقمة بن وقاص من التابعين أيضاً روى هذا الحديث عن عمر .
وذكر أنه سمعه يخطب به على المنبر فحفظه، ولم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر وما رواه عن عمر إلا علقمة وما رواه عن علقمة إلا التيمي وانفرد يحيى بن سعيد عن التيمي بروايته، ثم إنه انتشر عن يحيى ذكروا أنه رواه أكثر من مائتين، وقيل: وصلوا إلى سبعمائة؛ لذلك اشتهر.
فكان من جملة من رواه الأئمة المشاهير الذين اشتهروا برواية الأحاديث مثل: شعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة ومالك بن أنس والأوزاعي والليث وغيرهم، توافدوا على يحيى لما حدث بهذا الحديث، ورووه واشتهر وأصبح متواتراً عن يحيى وإن كان في الأول يعتبر فردا.